الخطبة الاولى
اعوذبالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ياعماد من لا عماد له وياسناد من لا سناد له وياذخر من لا ذخر له وياحرز من لا حرز له ويا غياث من لا غياث له وياعز من لا عز له ويا معين من لا معين له ويا انيس من لا انيس له وياامان من لا امان له ويا حبيب من لا حبيب له وياطبيب من لا طبيب له ويامجيب من لا مجيب له ويا رفيق من لا رفيق له وياشفيق من لا شفيق له ويامغيث من لا مغيث له ويا دليل من لا دليل له ويا راحم من لا راحم له ويا صاحب من لا صاحب له ويا حصن من لا حصن له ويا كهف من لا كهف له ويا ولي من لا ولي له ويا مجير من لا مجير له ويامدبر من لامدبر له ويامعطي من لا معطي له وياميسر من لاميسر له ويا مؤنس من لا مؤنس له ويا رقيب من لا رقيب له ويا نور من لا نور له ويا حافظ من لا حافظ له ويا ناصر من لا ناصر له وياشرف من لا شرف له ويا مفرج من لا مفرج له ويا غافر من لا غافر له ويا كفيل من لا كفيل له ويا هادي من لا هادي له وياساتر من لا ساتر له ويا جابر من لا جابر له ويا ذاكر من لا ذاكر له.
يا اعظم من كل عظيم يا اكرم من كل كريم يا ارحم من كل رحيم يا اعلم من كل عليم يا احكم من كل حكيم يا اكبر من كل كبير يا اجل من كل جليل يا اعز من كل عزيز يا اشرف من كل شريف يا الطف من كل لطيف يا اشفق من كل شفيق يا ارفق من كل رفيق يا اغنى من كل غني يا اوفى من كل وفي يا احمى من كل حمي يا امجد من كل ماجد يا اصدق من كل صادق يا اطهر من كل طاهر يا امنع من كل مانع يا استر من كل ساتر يا اطهر من كل طاهر يا انصر من كل ناصر يا احفظ من كل حافظ يااسمع من كل سامع يا ابصر من كل ناظر يا افضل من كل فاضل يا اوسع من كل واسع.
رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبالايمان مذهبا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة وبالاخرة مآبا وبمحمد (صلى الله عليه واله) نبيا وبعلي اماما وبفاطمة الزهراء (سلام الله عليه) شفيعة وبالحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي و الحسن والحجة القائم المهدي ائمة وسادة وقادة بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرى في الدنيا والاخرة.
اللهم فصل عليهم اجمعين وصل على جميع انبيائك ورسلك واوليائك واهل الحق من خلقك والصالحين من عبادك.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نستمر الان في شرح خطبة الحسين (سلام الله عليه).
قال (عليه السلام): (لن تنشذ عن رسول الله لحمته). عبر هنا بضمير الغائب فقال (لحمته) ولم يقل لحمتي، الا ان الظاهر انه يريد نفسه يريد ضمير المتكلم. الا انه ابدله بضمير الغائب حتى لا يكون مدحا للنفس وثناءا عليها. فيكون المراد لن تنشذ عن رسول الله لحمتنا كما قال : رضا الله رضانا اهل البيت.
واللحمة من الالتحام وهو الاتصال، والشذوذ هو الابتعاد (اما التحم واما شذ) والشاذ هو المبتعد ونعبر بالشاذ عن كل ما هو غير طبيعي، لانه مبتعد عن المستوى الطبيعي. فيكون المراد انه لن تبتعد عن رسول الله لحمته، او قل لن يبتعد عن رسول الله قربه والتحامه ولصوقه.
وقوله : لن تشذ للتأبيد يعني الى الابد بهذا المعنى وانها ستبقى ملتحمة ولن تبتعد اطلاقا الى ما لا نهاية. او يكون المراد الاشارة الى الشأنية يعني ليس من شأنها ان تبتعد وغير قابلة للابتعاد اصلا. وما ليس من الشأن يكون مستحيلا او بمنزلة المستحيل كقوله تعالى : ((كان الله سميعا بصيرا)) اي من شأنه ان يكون سميعا بصيراففقد السمع والبصر بالنسبة الى الله مستحيل. وكذلك قوله تعالى : ((وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم)) فاضلاله للثقوم يكون مستحيلا او بمنزلة المستحيل. اي ليس من شأنه وديدنه ذلك. وكذلك قوله تعالى ((وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)) اي ليس من شأنه ان يعذبهم وهم مستغفرون انشاء الله نكون من المستغفرين فلا يعذبنا الله سبحانه وتعالى لا عذاب الدنيا ولا عذاب الاخرة. واما اذا كان واحد كذا وكذا واصل حسابه ولم يستغفر فيعذبه الله عذاب الدنيا وعذاب الاخرة. وما البلاء الدنيوي الا من قبيل اعطاء فرصة وجر اذن انه استغفر، لعلهم يتفكرون، لعلهم يتذكرون، لعلهم يتوبون، لعلهم يؤبون، لعلهم ينوبون. اما الله تعالى يواجه منا اذنا غير صاغية، اذنا صماء فهل هذا مما يحمد عقباه ؟ الله سبحانه وتعالى غير حامل لنا هم، كل هذا الجمع غير حامل له هم. انما كل واحد بحسابه وكتابه فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
ثم يقول (سلام الله عليه): (بل هي مجموعة له في حضيرة القدس) لن تشذ وانما هي مجموعة ومرتبة ومركبة له في حضيرة القدس، وقوله (بل هي) يعني اللحمة مجموعة له لانه يجتمع برسول الله (صلى الله عليه واله) وامير المؤمنين وامه فاطمة الزهراء (عليهم افضل الصلاة والسلام)، يعني بارواحهم العليا وليس باجسامهم الدنيوية بطبيعة الحال، يعني بارواحهم العليا في حضيرة القدس كما قال في نفس الخطبة (وما اولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف) وانما هو واله الى تلك الارواح العليا والمقامات السامية وليس الى الوجودات الدنيوية بطبيعة الحال على انها مقدسة جدا واقدس ما هو موجود على وجه الارض، لكن طبعا تلك المقامات اقدس منها اكيدا بما لا يقاس وما لا يتناهى.
وحضيرة القدس مرتبة من المراتب الالهية العالية جدا التي لا يمكن ـ لاحظوا ـ لا يمكن ان نتوصل الى تعرفيها او معرفتها كما قال الله تعالى ((رفيع الدرجات ذو العرش)) وليست هذه الدرجات لذاته، لا، هو لا يستفيد من الدرجات حبيبي، لانه انما يتمناها لخلقه وللمؤمنين من عباده وخاصة المستحقين لتلك الدرجات في الحقيقة.
الا اننا بالرغم من اننا لا نستطيع فهم هذه الدرجة العليا (اقصد حضيرة القدس) الا اننا نشرح اللفظ فقط. فالحضيرة على وزن فعيلة من الحضور وهي اما بمعنى اسم المفعول بمعنى محضرة او اسم الفاعل بمعنى حاضرة، الا ان هذا فيه نحو من المجازية. لان من فيها حاضر ومن فيها محضر، المكان هو لا حاضر ولا محضر وانما من في المكان هو حاضرا ومحضر. المهم انه في الحقيقة الذي ينطبق عليه انه حضير بمعنى حاضر هو المكين اي من في المكان وليس المكان نفسه.
ويمكن ان تكون فيها الياء زائدة فتكون الحضيرة بمعنى الحضرة يعني حضرة القدس ونحن نعبر بالحضرة عن مراقد المعصومين (عليهم السلام) لانها كانها موضع الحضور عندهم فكذلك الحضور عند القدس الالهي وفي مراتب العظمة الالهية والنور الالهي.
والقدس هو الطهارة ومقدس يعني طاهر ويراد بها غالبا الطهارة المعنوية يعني طهارة النفس والقلب، يقال : قدس الله سره اي طهر الله روحه.
وهناك في الافق الاعلى وفي الافق المبين توجد الطهارة الحقيقية وهي الخلوص من كل النجاسات كالنظر الى الدنيا والشهوات والالام والافراح فكل هذا يروح ويزول سالبة بانتفاء الموضوع كما يعبرون، ليس له وجود اصلا، والنظر الى الاشخاص صديقك وعدوك وجيرانك والبعيد عنك والذي يتعامل معك هناك لا يوجد، بل تبقى البهجة الالهية في نفس العبد هي وحدها السارية المفعول.
ولذا قال (عليه السلام): (بل هي مجموعة له في حضيرة القدس تقر بهم عينه) فان هذا التعبير من استقرار العين عن البكاء او انه تصبح العين بحالة من الفرح والابتهاج. ولا شيء في الوجود اكثر فرحا وبهجة من تلك المستويات الالهية العالية التي ذخرها الله تعالى لخاصة خلقه ولذا ورد : (ان لك مقامات لا تنالها الا بالشهادة)، يعني فتحمل كل ما تستطيع من انواع البلاء والالام الجسدية والمعنوية والقلبية والاجتماعية والاقتصادية الدنيوية طبعا في سبيل نيل تلك الدرجات الاخروية العالية جدا حيث لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ويشمله قوله تعالى : ((ولدينا مزيد)) فان الكمال لامتناهي وما من كمال الا فوقه كمال وما من بهجة الا فوقها بهجة وما من درجة الا وفوقها درجة يعطيها الله هناك بالعطاء المباشر لقوله جل من قائل ((ولدينا مزيد)) بدون عمل لانه ليس في الاخرة عمل، في الاخرة حساب ولا عمل وفي الدنيا عمل ولا حساب.
ثم قال: (وينجز لهم وعده) ولم يقل وينجز له وعده فهناك الضمير كان مفردا وهنا جمع وهو يقول : (تقر بهم عينه وينجز لهم وعده) لمن ؟ للمعصومين من اسلافه : جده وابوه وامه واخوه (سلام الله عليهم اجمعين). حينئذ نقول : ان الوعد له او لهؤلاء ؟ هو له جيد ان يقال المقامات العالية وليس لهم، لا. انا اقول لكلا الجهتين : اما له فينبغي ان يكون واضحا لانه هو يفوز بمقاماته التي اختصه الله بها. لكن في الحقيقة كذلك الله تعالى وعد رسول الله (صلى الله عليه واله) بان يعطي الحسين مقامات عالية ووعد عليا (عليه افضل الصلاة والسلام) ان يعطي الحسين مقامات عالية ووعد الزهراء ان يعطي الحسين مقامات عالية ولماذا لا ؟ لانهم يحبهم ويحبونه اي في الله وليس للقرابة بطبيعة الحال. فاذا كان واحد منهم نال درجات عالية الاخر يستر طبعا ويكون ناجز الوعد وفي رحمة الله سبحانه وتعالى فينجز لهم وعده باعطاء الحسين تلك المقامات العالية (سلام الله عليه).
بسم الله الرحمن الرحيم اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم