الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين وصلى الله على خير خلقه محمد النبي الكريم وعلى اله الطيبين الطاهرين.
الهي اليك اشكو نفسا بالسوء امارة والى الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك اهون هالك. كثيرة العلل طويلة الامل ان مسها الشر تجزع وان مسها الخير تمنع ميالة الى اللعب واللهو مملوة بالغفلة والسهو تسرع بي الى الحوبة وتسوفني بالتوبة الهي اشكوا اليك عدوا يضلني وشيطانا يغويني قد ملأ بالوسواس صدري واحاطت هواجسه بقلبي يعاضد لي الهوى ويزين لي حب الدنيا ويحول بيني وبين الطاعة والزلفى. الهي اليك اشكوا قلبا قاسيا مع الوسواس متقلبا وبالرين والطبع متلبسا وعينا عن البكاء من خوفك جامدة والى ما يسرها طامحة. الهي لا حول لي ولا قوة الا بقدرتك ولا نجاة لي من مكاره الدنيا الا بعصمتك. فاسألك ببلاغة حكمتك ونفاذ مشيتك ان لا تجعلني لغير جودك متعرضا ولا تصيرني للفتن غرضا وكن لي على الاعداء ناصرا وعلى المخازي والعيوب ساترا ومن البلاء واقيا وعن المعاصي عاصما برأفتك ورحمتك يا ارحم الراحمين.
ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
لبيك ربي وسعديك وسبحانك اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على محمد وال محمد كما صليت وباركت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد. صلوا على محمد وال محمد.
اللهم ارحم محمدا وال محمد كما رحمت ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
اللهم سلم على محمد وال محمد كما سلمت على نوح في العالمين اللهم امنن على محمد وال محمد كما مننت على موسى وهارون صلوا على محمد وال محمد (اللهم صل على محمد وال محمد)
اللهم صل على محمد وال محمد كما شرفتنا به اللهم صل على محمد وال محمد كما هديتنا به اللهم صل على محمد وال محمد وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والاخرون صلوا على محمد وال محمد (اللهم صل على محمد وال محمد)
على محمد واله السلام كلما طلعت شمس او غربت على محمد واله السلام كلما طرفت عين او برقت على محمد واله السلام كلما ذكر السلام على محمد واله السلام كلما سبح الله ملك او قدسه السلام على محمد واله في الاولين والسلام على محمد واله في الاخرين والسلام على محمد واله في الدنيا والاخرة. صلوا على محمد وال محمد.
تكلمنا في الخطبة الاولى من الجمعة السابقة عن ان الفرد ينبغي ان يحاسب نفسه وينظر الى اعماله واقواله فان وجد الطاعة حمد الله عليها وان وجد المعصية او التقصير استغفر الله تعالى منه.
فالان ايضا اقول : اسأل نفسك هل انت تعادي بعض المؤمنين الذين ثبت اخلاصهم لله عز وجل وتنتقده وتستغيبه وتقاطعه، ام لا ؟ فان كنت كذلك فاعلم ان هذا ليس لصالح الطرفين ولا لصالح المجتمع ولا لصالح الدين ككل.
اما بالنسبة إلى الطرفين الذين هما انت وصاحبك فاعلم انه وان نال هو منك البلاء الدنيوي بشتمه والاعراض عنه ومقاطعته الا انه هو سيحصل على الثواب الاخروي، وانت ستحصل على العقاب الاخروي وتكون في ذلك شأن يزيد بن معاوية عليه اللعنة والعذاب حين صار سببا لمزيد الثواب للحسين (عليه السلام) واصحابه واهل بيته (عليهم السلام). فانه يكون مسؤولا امام الله تعالى ومعاقبا باشد العقاب، فلعلك تنال من العقاب ما يشبه ذلك وكلما كان صاحبك اكثر اخلاصا وايمانا كان عقابك اكثر واشد الما.
واما بالنسبة الى مصلحة المجتمع والدين، فاعلم انه لا يستفيد من ذلك الا الاعداء المتربصون في خارج الحدود وفي داخل الحدود وبشكل كامل ومركز وبمختلف الاساليب والشعارات.
يكفي ان يحصل من ذلك احد امرين او كلا الامرين:
الامر الاول: قلة الفائدة الدينية والمصلحة العامة لوضوح انكما او اي فردين في الواقع لو كنتما متكاتفين ومتعاضدين لاستطعتما ان تنفعا المجتمع اكثر بقليل او بكثير، فالتنافر والتناحر يورث قلة الاعمال الصالحة وقلة المصلحة العامة وقلة رضاء الله عز وجل.
الامر الثاني : ما يمكن ان يحصل من التنافر والتناحر من امور مزعجة ومضاعفات مخزية ويكفي ان نتصور او نتخيل ما يعمله البعض، لاحظوا هذه قصة موجودة وموجودة ايضا ومطبقة عند عدد من الناس: انهم يضعون ديكين يتصارعان والحاضرون يضحكون ويستانسون فسوف يكون هذا الضحك في محل كلامنا، ترون ان المؤمنين كالديكين يتصارعان حتى يسقطان ويكون هذا الضحك من قبل الاخرين في مصلحة الشيطان وضد مصلحة الرحمن كما قالوا في الحكمة: (اتفقوا على باطلهم وتفرقتم عن حقكم).
مضافا الى انك ينبغي ان تسأل نفسك عما اذا كان الحق معك وليس معه كما انت ترى لنفسك ان الحق معك وليس معه مع انك قد تكون مخطئا. والخطأ على مثل هذه المستويات قد يسبب كارثة او جريمة ضد المصلحة الخاصة والعامة معا. فقد يكون الحق معه وليس معك وهذا هو مقتضى كونه مؤمنا مخلصا صالحا كما هو المفروض. فلماذا لايكون هو الى جنب الحق وانت تكون الى جنب الباطل والعياذ بالله ؟ المهم ان ماذا ؟ ان تلاحظ نفسك في مثل ذلك في علاقاتك العامة. فتكون قد ناقشت الرحمن بدل ان تناقشه وليس ان تناقش الشيطان. وبتعبير آخر تكون قد مثلت طرف الشيطان وانت تريد ان تمثل طرف الرحمن.
وهذا المعنى شامل لكل قضايا المجتمع على الاطلاق ولكل الطبقات حتى القضايا الحوزوية بطبيعة الحال، بل لعل القضايا الحوزوية اكثرها اهمية وصعوبة سواء في ذلك الافكار التي تدعم السيد محمد الصدر او التي تدعم الاخرين.
وعلى اي حال فانت كمؤمن ومتورع ولا تريد ان تكون خاطئا في رايك ومنحرفا في عقيدتك والعياذ بالله، يجب عليك ان تحتاط في كلامك فانه كما قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)) وكذلك ((اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد)). ورقابة الله سبحانه اهم رقابة وهو اسمع السامعين وابصر الناظرين واشد المعاقبين.
ومعنى الاحتياط هنا : ـ اليس تحتاط في علاقاتك يعني ماذا ؟ ـ هو ان تتاكد من قولك قبل ان تلفظه، ومن فعلك قبل القيام به وانجازه. بحيث يكون لديك قناعة كاملة بانتسابه إلى الدين والى رضا رب العالمين ورضا السادة المعصومين (سلام الله عليهم اجمعين). لا اننا نناقش بالاحتمالات والاشاعات فتكون قد قلت زورا بدل ان تقول حقا، وتكون قد طعنت بالحق بدلا عن الطعن بالباطل ولو احتمالا. فعليك التاكد مائة بالمائة من هذه النواحي فان استغلال الاعداء موجود والصيد بالماء العكر موجود وضعاف النفوس كثيرون. وانا اريد والله تعالى يريد والمعصومون يريدون ان يكون كل المؤمنين اهل نفوس قوية واراء جلية وقلوب نقية وافعال دقية ورضية. لا انهم يلقون انفسهم بالظن والتهمة فيكونون قد بداوا بظلم انفسهم قبل ظلم نفوس الاخرين.
فالمهم فيما ليس لك فيه قناعة حقيقة ان تسكت ولا تشارك فيما يحتمل ان يكون باطلا او ضلالا والعياذ بالله. والا فقد يقال لك كما قيل لغيرك وهو بيت الشعر الذي قاله الشاعر:
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم
وان وجدت من المصلحة او من الضروري ان تشارك او ان تتكلم او ان تتصرف فليكن كلامك كلام المتورعين وتصرفاتك تصرفات المؤمنين. واذا كنت شاكا فعليك بالسؤال من اهل الفضل والفهم والعلم من الحوزة وغيرها.
والعمدة هنا ـ لاحظوا انا قلت انه تسأل من اهل الفضل والعلم ـ في الحقيقة اهل الفضل والعلم غير كافٍ، بل المهم هو العلم والاخلاص. فاسأل العالم المخلص وهو من تطمئن الى دينه مضافا الى انك تطمئن الى علمه ولا تقتصر على واحد في السؤال بل عليك ان تجمع القرائن والدلائل ووجهات النظر من امثال هذه الطبقة الطيبة من الناس، حتى اذا ما حصل لك الاطمئنان والقناعة برأي معين مرضي لله عز وجل ولرسوله ولأمير المؤمنين فعليك عندئذ ان تتصرف بحكمة وبما تعرف من المصلحة الدينية فليس كل حق يقال وليس كل باطل ينتقد (ظاعرا يعني) بل كل ذلك حسب المصلحة وان كان كذلك في القلب بيننا وبين الله سبحانه وتعالى الا ان بيانه يحتاج الى تشخيص المصلحة وهذا صعب على عامة الناس الا انني اوصيهم بالاحتياط من هذه الجهة ليحصلوا على رضا الله تعالى ويحصلوا على مصلحتهم الخاصة في الاخرة ومصلحتهم الدينية في الدنيا ولا يكونوا من المفسدين والعياذ بالله.
بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد*