الخطبة الاولى
اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه. وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه. واتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه.
يا من دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وجل عن ملائمة كيفياته.
يا من قرب من خطرات الظنون، وبعد عن لحظات العيون، وعلم بما كان قبل ان يكون.
يا من ارقدني في مهاد امنه وامانه، وايقظني الى ما منحني به من مننه واحسانه، وكف اكف السوء عني بيده وسلطانه. صل اللهم على الدليل اليك في الليل الاليل، والماسك من اسبابك بحبل الشرف الاطول، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الاول، وعلى اله الاخيار المصطفين الابرار. وافتح اللهم لنا مصاريع الصباح بمفاتيح الرحمة والفلاح والبسني اللهم من افضل خلع الهداية والصلاح واغرس اللهم بعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع واجر اللهم لهيبتك من اماقي زفرات الدموع وادب اللهم نزق الخرق مني بازمة القنوع.
الهي ان لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي اليك في واضح الطريق وان اسلمتني اناتك لقائد الامل والمنى فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى وان خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان فقد وكلني خذلانك الى حيث النصب والحرمان.
اللهم صل على محمد وال محمد.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
في الحقيقة كل شيء فيه عبرة، والاشياء التي تمر، فيها عبرة، واحدة واحدة، صغيرها وكبيرها، هينها ومهمها. محل الشاهد ان جملة من الاشياء تمر باستمرار ولعل من اهمها هو مقتل اية الله الغروي (قدس سره الشريف). فاريد الان ان آخذ شيئا من العبرة واشير الى جملة من الافكار مما يتعلق بهذا الامر:
اولا: ان كل من يقتل في سبيل الله، وكل من يقتل وعقيدته الصالحة فهو شهيد بينه وبين الله. ويمكن تقسيم الشهداء (اي شهداء الحق) الى عدة اقسام:
القسم الاول: الشهداء في سبيل الله وفي سبيل الحق من اول البشرية الى آخرها. وهذا موجود باستمرار، كان ولم يزل وسيبقى الى يوم القيامة. اولهم طبعا نعرف انه هابيل الذي قتله اخوه قابيل. ثم تتسلسل الشهادة في الانبياء والاولياء والاوصياء والى يوم القيامة.
القسم الثاني: شهداء الاسلام وما بعده ونحن نعلم تقريبا او تحقيقا ان اولهم هم شهداء بدر الكبرى ثم احد ثم باقي الغزوات وتتسلسل ايضا الى يوم القيامة. وانا اعتقد انه لا تنقطع بعصر ظهور الامام المهدي (سلام الله عليه)، بل يبقى هذا الامر اجمالا موجودا حتى بعد ظهوره لان الدنيا دار بلاء وعناء. فهي بالنسبة الى المؤمنين، هذا العناء بالنسبة الى جملة منهم، موجود.
القسم الثالث: شهداء الحوزة العلمية، شهداء رجال الدين. ليس في هذا العصر بل في عصر سابق. نحن نلاحظ انه في العصور السابقة كانوا قليلين، فلذا سُمي الشيخ محمد بن مكي بالشهيد الاول والشيخ زين الدين العاملي بالشهيد الثاني. لكنه بالتدريج يتكثرون، جيلا بعد جيل يزدادون ويزداد عددهم. ونحن نفتخر فهذا هو وسام الشرف الذي تعلقه الحوزة العلمية على صدرها. وبهذا المضمون انه عادتكم الشهادة عند الله وفخركم عند الله الشهادة، وهذا هو فخر المعصومين (سلام الله عليهم) وفخر اتباعهم ومواليهم الى يوم القيامة.
الامر الثاني: اننا نعلم انه على طول الخط من السابق مما قبل الاسلام وبعد الاسلام وحاضرا ومستقبلا، فان القوى المعادية للاسلام والقوى المعادية للحق هي التي تقوم بذلك. ويوجد حكمة تقول بأنه : القتل على ايدي شرار خلق الله، هذا هو الجيد والصحيح والمفخرة. وكلما كان القاتل اردأ عند الله وادون عند الله وابعد عن الله، كان المقتول اشد فخرا واعتزازا. حتى ان امير المؤمنين (سلام الله عليه) قتله شر الخلق وهو خير الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه واله)، والحسين (عليه السلام) قتله شر الخلق في زمانه وهو شمر (قبحه الله) الذي قطع رأسه وهو خير الخلق في زمانه (سلام الله عليه). وهكذا ايضا يتسلسل الموضوع باستمرار.
ففي هذه القرون المتأخرة يوجد ما استطيع ان اسميه بالثالوث المشؤوم الظالم الغاشم وهو الاستعمار الامريكي البريطاني الاسرائيلي الظالم الغاشم الشرير المبتز لحقوق البشرية ولدمائها. في الحقيقة هذا هو الذي يكون سببا لمثل هذه المظالم وغير هذه المظالم. وهذا الشيء ينبغي ان يكون واضحا، مهما كانت اليد التي قبضت على السكينة فانها ترجع بالاخر الى ذاك.
الان لشجب واستنكار الاستعمار الغربي الظالم باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد.
لشجب واستنكار مقتل العلماء الاعلام والمراجع العظام باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد.
لنصرة الحوزة العلمية الشريفة باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد.
الفكرة الاخرى التي بهذا الصدد اننا نجد بوضوح شديد ان الاستعمار الغربي ماذا هو وسيلته ؟ المال والسلاح، مختصر مفيد. يسيطر على وجه الكرة الارضية بالمال والسلاح. عنده شيء آخر ؟ لا يوجد. نحن ماذا عندنا ؟ الله سبحانه وتعالى (كول لا !) جل جلاله. الله سبحانه وتعالى ليس غيره هو الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. سبحان الله ..
من هو الاقوى المال والسلاح الدنيويين او الله المسيطر على الخلق كله وبيده ملكوت كل شيء وبيده مفاتيح السماوات والارض، سبحان الله حتى هم يعلمون بذلك وليس نحن فقط ! قال الله جل جلاله ((ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)) وقال جل جلاله ((ان الله يدفع عن الذين امنوا)) وقال جل جلاله ((فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اعزة على الكافرين اذلة على المؤمنين ـ بهذا المضمون ـ)). وكيف لا ينصر الله سبحانه وتعالى من يحبهم ويحبونه، بالتأكيد ينصرهم لاجل اقامة دينه والله تعالى هو المحافظ على الدين من اول البشرية الى آخرها ليس الانبياء ولا الرسل ولا سيد محمد الصدر ولا اي شيء مما يخطر في اذهانكم. الله هو الحافظ للدين.
جل جلاله يقول ايضا في اية اخرى ((محمد رسول الله والذين آمنوا معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود)).
الامر الاخر الذي اريد الاشارة اليه : اننا جربنا جيلا بعد جيل وخاصة في هذه القرون المتأخرة ان المرجعية، ان الانسان يصفو مرجعا ليس بسبب اصلا وانما بيد الله سبحانه وتعالى (كول لا !). صح نحن ننظر الى الاسباب هذا يتكلم كلمة معينة وهذا يتحرك حركة وهذا يطبع على كتاب وهذا يقول له كلام.صح والاسباب تمشي بمشيئة الله لكن مع ذلك الله تعالى هو العماد في ذلك ((انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)) في اية اخرى ((لو انفق ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم)).
شيء آخر : وهو ان الموت والحياة يتحكم في ذلك، انا ببنائي اصير مرجعا ولكنه اموت ورسالتي لم تطبع او رسالتي قيد الطبع هل ممكن اصير مرجعا ؟ ((وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل باشياعهم اول مرة)) يعجبه يصير مرجعا وما يصير مرجعا لانه يموت عزرائيل يأخذ روحه ! فهل هذا فيه نقاش ؟ لاحظوا .. فانما تتعين المرجعية بمشيئة الله سبحانه وتعالى وهذا موجود في السابق واللاحق وليس لاحد التحكم فيه اطلاقا.
النقطة الرابعة التي اود الاشارة اليها : او الاشارة الى ان للمرجعية اسلوبان معروفان الان تقريبا من الواضحات المعلنة وانا اشرت اليها في بعض الخطب السابقة. استطيع ان اسمي احدهما اسلوب السكوت والانعزال والاخر اسلوب النشاط والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذا الشكل.
حبيبي لماذا جماعة من المراجع ومن الناس ومن تابعي المراجع اتخذوا اسلوب السكوت ؟ لا يوجد اي شيء الا الحفاظ على حياتهم. اليس يريد يحفظ على حياته قعد وسكت وترك ما هو في ذمته لعله بعلم او بغير علم انا ما ادري انشاء الله محمولين على الصحة. يحافظ على حياته فماذا حصل الان ؟ عبرة جدا لطيفة ان هذين المشايخ (قدس الله اسرارهم) كانا من هذا الصنف من صنف الساكتين مع ذلك ماذا كانت النتيجة ؟ هل حفظت حياتهم ؟ الساكت قتل والناطق بقي رغما على انف الذي لا يرضى. سبحان الله .. هل افاد الساكتين سكوتهم ! طبعا ما افادهم. الموت مما لا بد منه سبحان الله .. من لم يمت بالسيف مات بغيره كما يقول الشاعر. فمن هذه الناحية الانسان يقصر فيما يمكنه من ادء وظيفته الشرعية ؟ في سبيل الحفاظ على حياتي ؟خاب فألك امام الله انت مسؤول لا يمكن التجاوز عن ذلك.
النقطة الاخرى التي اود الاشارة اليها : تقريبا بل تحقيقا اريد ان اخاطب مقلدي الشيخ الغروي (قدس سره).
يقول المثل لا ينبغي ان يلدغ المؤمن من جحر مرتين، كثير من التقليد كان بغير حجة شرعية كان بحجة شرعية ناقصة، كان بهوى نفسي كان المنفعة دنيوية، لا ينبغي ان تتكرر هذه المأساة مرة ثانية ! طبعا البقاء على تقليد الميت بدون اجازة الحي غير مجزي فحينئذ حذار ان يكون تقليدكم الجديد بدون حجة شرعية. التقليد دين الانسان كانما تصح به العبادات والمعاملات وينجو به الانسان في يوم القيامة فاذا كان مهملا له او مستعملا للدنيا او لشيء غير الاخلاص لله سبحانه وتعالى احمله وارمه بالزبالة ! من الذي نرميه بالزبالة ؟ نرميك انت المهمل اذا كنت مهملا. صح هي الصفة غير جيدة لكن الموصوف يصير غير جيدا حبيبي . اتقوا الله حق تقاته وقوموا تقليدكم لا يغرنكم الغرور.
فمن هذه الناحية لا ينبغي ان يلدغ المؤمن من جحر مرتين او عشر مرات، الانسان رشيد والله اعطاه عقلا واعطاه دينا واعطاه ورعا ويعرف ان الله موجود وجهنم تحته والجنة قدامه مع ذلك يأخذها المسألة بسيطة وبسرعة مع العلم انه لم يخلق للدنيا وانما خلق للاخرة. سبحان الله ..
بسم الله الرحمن الرحيم والضحى والليل اذا سجى * ماودعك ربك وما قلى * وللاخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى * الم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فاغنى * فاما اليتيم فلا تقهر * واما السائل فلا تنهر * واما بنعمة ربك فحدث
بسم الله الرحم الرحيم الم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فان مع العسر يسرا * ان مع العسر يسرا فاذا فرغت فانصب * والى ربك فارغب * صدق الله العلي العظيم