الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
يا من امر بالعفو والتجاوز وضمن نفسه العفو والتجاوز يا من عفى وتجاوز اعف عني وتجاوز يا كريم.
اللهم وقد اكدى الطلب واعيت الحيلة والمذهب ودرست الامال وانقطع الرجاء الا منك وحدك لا شريك لك.
اللهم اني اجد سبل المطالب اليك مشرعة ومناهل الرجاء لديك مترعة وابواب الدعاء لمن دعاك مفتحة والاستعانة لمن استعان بك مباحة واعلم انك لداعيك بموضع اجابة وللصارخ اليك بمرصد اغاثة وان في اللهف الى جودك والضمان بعدتك عوضا من منع الباخلين ومندوحة عما في ايدي المستأثرين وانك لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الاعمال دونك وقد علمت ان افضل زاد الراحل اليك عزم ارادة يختارك بها وقد ناجاك بعزم الارادة قلبي (اذا كنت صادقا فيما اقول) واسألك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله او صارخ اليك اغثت صرخته او ملهوف مكروب فرجت كربه او مذنب خاطيء غفرت له او معافىً اتممت نعمتك عليه او فقير اهديت غناك اليه ولتلك الدعوة عليك حق وعندك منزلة الا صليت على محمد وال محمد وقضيت حوائجي حوائج الدنيا والاخرة.
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.
يا عدتي في مدتي يا صاحبي في شدتي يا وليي في نعمتي يا غياثي في رغبتي يا نجاحي في حاجتي يا حافظي في غيبتي يا كافيَّ في وحدتي يا انسي في وحشتي انت الساتر عورتي فلك الحمد وانت المقيل عثرتي فلك الحمد وانت المنعش صرعتي فلك الحمد. صل على محمد وال محمد واستر عورتي وامن روعتي واقلني عثرتي واصفح عن جرمي وتجاوز عن سيئاتي في اصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
في هذه الجمعة اود اعطاء فكرتين، احداهما عن شدة الحر فانني قلت ان لكل شيء عبرة وشدة الحر له عبرة فما هي العبرة ؟
اولا انا قلت انه اذا كانت عليك الصلاة والبقاء فترة من الزمن فيها وفي الخطبة وفي غيرها، كانت عليك عسرا وحرجا سقطت صلاة الجمعة صل الظهر على حريتك. وانما مع الامكان وعدم الضرر يتعين عليك الحضور الى صلاة الجمعة.
اشياء اخرى مستفادة حتما حبيبي .. ما ادري انت تشعر ام لا ؟ غير ملتفت الى ذلك ام ملتفت ؟ انا حينما اقوم في شهر رمضان في وقت السحر اشعر باني مشترك قلبيا وعاطفيا مع كل الذين قاموا في وقت السحر وصاموا عند اذان الصبح.قاعد في بيتي والباب مسدودة لكنني مع ذلك مشترك قلبيا وعاطفيا مع كل اولئك الذين يصومون في بيوتهم ويتسحرون ويفطرون (كول لا !) الذي ليس عنده هذه العاطفة من الغافلين لا شك انه من الغافلين.
الان الان الا توجد صلوات جمعة ؟ ـ انشاء الله تكون كلها منفذة ومؤسسة وليس فيها منع انشاء الله تعالى ـ. توجد صلاة جمعة، اذن ينبغي ان نفكر اننا لسنا وحدنا نصلي الجمعة لا في النجف ولا في خارج النجف، لا في العراق ولا في خارج العراق، ولا في المذهب ولا في خارج المذهب. صلاة الجمعة موجودة والحمد لله بكثرة كاثرة وهذا من لطف ربي. فنحن الان ايضا مشتركون عاطفيا تجاه المؤمنين والمسلمين الذين يقيمون الجمعة قريبا منا او بعيدا عنا اكيدا. وكذلك مشتركون عاطفيا ونفسيا مع اولئك الذين يعانون الحر في الشوارع وفي صلاة الجمعة في البصرة والعمارة والناصرية وكثير من المدن العراقية وغير العراقية. فمن هذه الناحيه نحن نفتخر ونؤدي هذه الطاعة امام الله سبحانه وتعالى.
شيء اخر : نحن سمعنا طبعا عن مسجد النبي (صلى الله عليه واله) ولربما ان عدد منكم رآه، سمعنا عن المسجد الحرام ولربما عدد منكم راه، سمعنا عن مسجد قبا سمعنا عن مسجد القبلتين. تلك المساجد التي كانت واسست في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) هل كانت من ذهب وفضة من سمنت وخرسانة ؟ ان كنت تفكر هكذا فبدل تفكيرك حبيبي . طوف لبن مسقوف بجريد النخل، يصلي فيه اولياء الله وعظماء الاسلام ما توجد هكذا مكبرة ولا توجد هكذا منصة ولا سيارة خصوصي ولا اوركندشن ولا قصر عالي هذا كله غير موجود. (ابو تراب) يعني جالس على التراب (سلام الله عليه).
محل الشاهد ليس هذا. يصلون كل صلواتهم الجماعة والفردية تحت الانواء الجوية طيلة السنة في الصيف تحت الشمس وفي الشتاء تحت المطر وتحت الرياح. ما عندهم مانع لا يوجد شيء يحول دون طاعة الله سبحانه وتعالى بما فيها صلوات الجمعة بطبيعة الحال. ان كان الان سيد محمد الصدر كماترون في الظل وفي بنكة او اي شيء آخر يخطب ويصلي. فلم يكن النبي (صلى الله عليه واله) في الظل ولا في بنكة كان معهم يصلي في الشمس ويخطب في الشمس كان امير المؤمنين معهم يخطب في الشمس ويصلي في الشمس سبحان الله ..فقط نحن كما قلت قبل قليل نشترك عاطفيا مع اولئك الذين يصلون الان معنا جمعة، لا، لا ينبغي ان نكون مشتركين عاطفيا على مستوى الازمنة الثلاثة من صلى في الماضي من قادة الاسلام صلاة الجمعة واطاع الله باي شكل من اشكال الطاعة ومن يصلي الان ومن يصلي في المستقبل الى يوم القيامة.كلنا على قلب واحد وعاطفة واحدة وهدف واحد لا نختلف، ان كان نختلف فلنعتب على انفسنا وليس على اولئك المؤمنين الطاهرين.
المهم انه هذه الجهة ايضا موجودة الجهة الاخرى. حبيبي .. كثير من الاعمال الدنيوية هذا الكسب والعمل هذا وكلكم مجربين ربما تسعة وتسعين بالمائة منكم مجربين، اليس البناؤون في الشمس ؟ اليس الصيادون في الشمس ؟ النجارون الحدادون كثير من الاعمال في الشمس وليس، ثمان ساعات وربما من طلوع الشمس الى غروبها يكدح تحت الشمس من اجل ان يأخذ له (فلسين) يعيش بها عائلته. الان نحن تحت الشمس في سبيل الثواب حيث لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (كول لا !) ليس فلسين ولا عشرة فلوس ولا مليون ولا خير الدنيا كلها لاحظوا ..
في الحقيقة انا وجدت ـ على قلة استقرائي للمصادر هذا المقدار موجود ـ المهم انني وجدت انه اكثر الناس ثوابا في القرآن الكريم : المتقون والصابرون ما يوجد مثلهم ثواب موعود بالقرآن الكريم. وما اسهل وما اصعب في الحقيقة. الانسان يجب ان يضحي. لكنه بمعنى آخر ما اسهل ان يجعل الانسان نفسه تطبيقا ومصداقا من هذين العنوانين الشريفين. يكون متقي اعتيادي فينال ثواب المتقين، الله تعالى لا بخل في ساحته، متقي يعطيه ثواب المتقين.
صابر ! مااسهل ان يكون صابرا، ما اصعب ان يكون صابرا. لكن قليل من الارادة. اراد الله وترك الخلق وترك المصالح والشهوات هذا هو فقط. فماذا يصير ؟ يصير صابرا. ((وسيجزي الله الصابرين اجرهم بغير حساب)) قال واحد من اهل المعرفة انه بغير حساب به معنيان كلاهما صالح. اما لا يحاسب في يوم القيامة ويدخل الجنة بغير حساب وهو هذا المطلوب، اما لا : بغير حساب اي بغير عدد : أُخذ أُخذ أُخذ الى ان ينقطع بك الامل هذا موجود بالروايات يُثيبه حتى ينقطع به الامل اكثر من ذلك : يوقف العبد في يوم القيامة في الجنة، في اول دخوله في الجنة فيقال له تمنى على الله سبحانه وتعالى، فيتمنى فيعطى ثم يتمنى ثم يتمنى الى ان تنقطع به الامال. فيقول له الله سبحانه وتعالى : يا عبدي هذا كله لك ولدي مزيد. كما يقول في القرآن : ((ولدينا مزيد)) فيعطيه الله فوق طلبه وفوق توقعه وفوق فهمه بما لا يتناها
لعله هذا هو المطلوب وليس الدنيا ومن فيها وما فيها.
طبعا لا يكون الانسان في الصابرين الا مع التسليم الحقيقي لقضاء الله وقدره والرضا بواقعه الدنيوي على حاله وتسليم للمشاكل التي يعيشها ليس بمعنى عدم التصدي لحلها، لكن اذا كان هناك هو في ضرورة وقع فيها ضرورة هذا هو، الحمد لله. كونه موقع على ورقة بيضاء امام الله. اي شيء يكتب الله فيها من القضاء والقدر ممنون وبالخدمة كالميت بين يدي الغسال لا يعترض ولا يستشكل لا لسانا ولا قلبا لانه الله تعالى مطلع على القلوب والنوايا، يقول انا صابر ويقول بانه لا بأس، الا انه يعترض قلبيا على الله او تشاوره الشكوك والعياذ بالله، لا، هذا ما مقبول فان ما يكون صابرا محضا، صابرا عند الله تعالى الذي لايُخدع ولا يتقشمر.
الفكرة الاخرى التي في نفس هذا الصدد : انا في يوم ما ولا زلت هذه الفكرة صحيحة في نفسها لكنها كانت تعيش في ذهني كثيرا.
محل الشاهد اننا نؤمن بصاحب الامر (عجل الله فرجه) اكيد. كذلك نؤمن بالانتظار صباحا ومساءا هل كل صباحا يُعلن اي يعلن جبرائيل سلام الله عليه عن ظهوره ربما عصرية ، ربما ليلية نحن لا نعلم ننتظره صباحا ومساءا. ربما اليوم، غدا ـ انا لا ابشر بقرب الظهور. لا وانما توقع الظهور باستمرار يجب ان يكون موجودا في قلب المؤمن. محل الشاهد. فلربما ظهر ولربما طلب مني (طبعا سيحتاج وهو لا يحتاج الا الى الله لكن معاونين بالاخر عنده) فلربما جعلني، اختار لي شيئا من ذلك، اختار لي شيئا من ذلك او عمل من الاعمال فهل انا اكون (بزر جكليت) واقول لا له ما اقدر هذا صعب علي. ربما قال لي بعمل الذي ينبغي ان اقف في الشمس عدة ساعات او مثلا امشي عدة ساعات او اي شيء من هذا القبيل او اقف اربعة وعشرين ساعة على قدمي الى آخره، كثير من الحاجات والمصاعب تواجهها الدنيا وتواجهها المصالح العامة الموجودة في زمان الامام المهدي (سلام الله عليه) انا ماذا ساقول له ؟ ان قلت له نعم وقعت في عسر وحرج وان قلت له لا وقعت في الادهى لا اقل من الناحية الدنيوية يحمل سيفه ويقطع رقبتي وغضب الله طبعا موجود. ماذا عملي ؟ مع العلم انه : انتظروه صباحا ومساءا ! هذا عمله : ان يعود الفرد نفسه على المصاعب حتى ما اذا ظهر امامه وقائده الحقيقي لا يقول له لا يقول له اهلا وسهلا ونحن بخدمتك اي شيء تقول بدون استثناء نحن بالخدمة صغيرها وكبيرها وقليلها وعظيمها، ولماذا لا ! هكذا ينبغي الانسان امام الله وامام اولياء الله. قد يكون يتعطل اكلك، قد يكون يتعطل شربك، قد يكون في مطر، قد يكون في شمس، قد يكون في بعد، قد يكون في وحشة، قد يكون في غربة لا بأس حبيبي اي شيء تريد ممنونين. فالانسان ماذا ؟ يشحذ همته وصبره لاجل الله.
الخطوة الاخرى ان طاعة الله غير منحصرة في ظهور المهدي (سلام الله عليه). في الازمنة الثلاثة في الماضي والحاضر والمستقبل موجودة طاعة الله سبحانه وتعالى. وما احسن ان الانسان يشحذ همته لطاعة الله سبحانه وتعالى كائنة ما كانت النتائج، انما يريد بها وجه الله سبحانه وتعالى لا يريد بها الدنيا.
الامر الاخر الذي وددت ان اشير له في هذه الخطبة انه يوجد هناك اشكال على الاتجاه الشيعي اشكال علينا جميعا : اننا نذكر امير المؤمنين والحسين ـ كمثل ـ نذكر امير المؤمنين والحسين (عليهما افضل الصلاة والسلام) اكثر مما نذكر رسول الله (صلى الله عليه واله) وهذا له عدد من النتائج مطبقة فعلا. حبيبي في وفاة امير المؤمنين يأتي الناس زرافات ووحدانا، تمتليء الشوارع بالزائرين. بمناسبة الحسين (سلام الله عليه) طبعا في عشرة عاشور وغير عشرة عاشور ما شاء الله.
اما وفاة النبي (صلى الله عليه واله) كانها منسية، نصف منسية ولادة النبي التي هي بعد حوالي اسبوع منسية او نصف منسية وكأن النبي لغيرنا. فهل نرضى بهذه الشنعة والسبة ؟ سبحان الله. انما كان شأن الحسين وعظمة الحسين لانه من اتباع النبي وقتل في سبيل النبي (صلى الله عليه واله)، انما كان شأن امير المؤمنين وفاطمة الزهراء لانهما لهما المقام الاعظم عند النبي (صلى الله عليه واله). من هو الاعظم هؤلاء ام النبي ؟ فلماذا لا نقيم للنبي وزنه الكامل ؟ هذا هو الظلم بعينه.
محل الشاهد اذا اردنا ان نثبت عمليا رفع هذا الاشكال عنا وهو اشكال مسجل مثلا من جملة نتائجه انك ترى الباحثين السابقين : كشف الغمة للاربلي مثلا، الارشاد للمفيد، اعلام الورى للطبرسي يتكلم حوالي عشرين صفحة عن النبي (صلى الله عليه واله) ويتكلم حوالي مائتين صفحة او اكثر او ثلاثماءة صفحة عن امير المؤمنين وثلاثمائة صفحة عن الحسين (عليه السلام) فما هو ذنب النبي (صلى الله عليه واله) مع العلم انه خير الخلق على الاطلاق بما فيهم امير المؤمنين والحسين.
اريد ان استنتج نتيجة واحدة : انكم انشاء الله على مستوى ماذا ؟ طاعة الله سبحانه وتعالى وعلى مستوى طاعة الحوزة بعون الله التي هي كانما ماذا؟ لا نسمع امر الله الا منها.
في الاربعين انا نهيتكم عن الزيارة فانتهيتم الان انا آمركم بالزيارة في يوم مولود النبي (صلى الله عليه واله). كل من يستطيع من شيعة العراق ان يحضر الى النجف الاشرف وليس فيه ضرورة فليزر امير المؤمنين سلام الله عليه. لاتقصروا امام امير المؤمنين وامام رسول الله (صلى الله عليه واله)، ليس امام السيد محمد الصدر يروح سيد محمد الصدر ويبقى الله ورسوله وامير المؤمنين وولاية امير المؤمنين. اقصدوا امير المؤمنين من كل صوب وحدب من اجل اثبات طاعة الله سبحانه وتعالى قبل طاعة الحوزة.
بسم الله الرحمن الرحيم والليل اذا يغشى * والنهار اذا تجلى * وما خلق الذكر والانثى * ان سعيكم لشتى * فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى واما من بخل واستغنى وكذب الحسنى * فسنيسره للعسرى * وما يغني عنه ماله اذا تردى * ان علينا للهدى وان لنا للاخرة والاولى * فانذرتكم نارا تلظى * لا يصلاها الا الاشقى * الذي كذب وتولى * وسيجنبها الاتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لاحد عنده من نعمة تجزى * الا ابتغاء وجه ربه الاعلى * ولسوف يرضى صدق الله العلي العظيم