الخطبة الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اني اسألك بسلطان القوة، وبعزة القدرة، وبشأن الكلمة التامة، وبكلماتك التي تفضلت بها على اهل السماوات والارض واهل الدنيا واهل الاخرة. وبرحمتك التي مننت بها على جميع خلقك. وباستطاعتك التي اقمت بها على العالمين. وبنورك الذي قد خر من فزعه طور سيناء. وبعلمك وجلالك وكبريائك وعزتك وجبروتك التي لم تستطل لها الارض وانخفضت لها السماوات وانزجر لها العمق الاكبر وركدت لها البحار والانهار وخضعت لها الجبال وسكنت لها الارض بمناكبها واستسلمت لها الخلائق كلها وخفقت لها الرياح في جريانها وخمدت لها النيران في اوطانها وبسلطانك الذي عرفت لك به الغلبة دهر الدهور وحُمدت به في السماوات والاضين وبكلمتك كلمة الصدق التي سبقت لابينا آدم عليه السلام وذريته بالرحمة واسالك بكلمتك التي غلبت كل شيء وبنور وجهك الذي تجليت به للجبل فجعلته دكا وخرّ موسى صعقا وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران وبطلعتك في ساعير وبظهورك في جبل فاران بربوات المقدسين وجنود الملائكة الصافين وخشوع الملائكة المسبحين وببركاتك التي باركت فيها على ابراهيم خليلك عليه السلام في امة محمد صلى الله عليه واله وباركت لاسحق صفيك في امة عيسى عليهما السلام وباركت ليعقوب اسرائيلك في امة موسى عليهما السلام وباركت لحبيبك محمد (صلى الله عليه واله) في عترته وذريته وامته. اللهم وكما غبنا عن ذلك ولم نشهده، وآمنا به ولم نره صدقا وعدلا ان تصلي على محمد وال محمد وان تبارك على محمد وال محمد وترحم على محمد وال محمد كافضل ما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد فعال لما تريد وانت على كل شيء شهيد.
من الناحية النظرية كنا نقول وانا سجلتها في بعض كتبي ان صلاة الجمعة تفيد للمجتمع وتحل مشاكله وتذلل صعوباته وتدفع الى الاستقامة انحرافاته. الان اصبح هذا شيئا واضحا بالتطبيق ولله الحمد. الجمعة هي اللسان الناطق باسم الله ورسوله وامير المؤمنين وهداية للناس اجمعين كائنا من كان خطيب الجمعة سواء كان سيد محمد الصدر او غيره نسمع منهم الحق وندفع بهم الباطل ونرضي الله ورسوله والمعصومين سلام الله عليهم اجمعين، وهذا ينبغي ان يكون واضحا واكيدا في اذهاننا جميعا.
محل الشاهد ان جملة من الامور التي تطرح في الشارع "على لغة بعضهم" ينبغي طرحها هنا، لان الذي يطرح في الشارع يعتبر مشكلة واذا اعتبر مشكلة كان حلها في ذمة الحوزة العلمية في ذمة الحوزة الشريفة. لانه شغل من، اذا لم يكن هو شغل رجال الدين ؟ ومسؤولية من، اذا لم يكن هو مسؤولية رجال الدين ؟ على العين والرأس، طيب. انا اسأل : اذا انا وزيد وعبيد ندير ظهرنا ونقول ليس علينا شيء، نحن لا نعرف ولا نفهم ! اذن ما هي نتيجة وجودنا ؟ ولماذا درسنا ؟ ولماذا تعبنا ؟ وعلى اي شيء اتبعنا الناس ؟ وعلى اي شيء احسن الظن الناس بنا؟ لاي شيء ؟ لمجرد انا نحن نأكل وننام ؟! هذا هو الاجحاف بعينه.
محل الشاهد من جملة الامور التي يتكلم بها الشارع الان والتي سبقت في سنين سابقة ايضا ان جملة من الجهال وان كانت هي كلمة قد لا تكون لطيفة ولكن هكذا هو الواقع انهم جعلوا من حرم الحسين (سلام الله عليه) كعبة وجعلوا من الشارع الذي بين الحرمين مطافا. وانا رأيتهم ربما اكثر من مرة يلبون ويركضون.
انا اقول وقلت ولا زلت اقول ان هذا حرام. الدوران حول ضريح الحسين وحول ضريح المعصومين راجح احتراما للحسين (عليه السلام) واحتراما للمعصومين، هذا صح. والتعب في سبيل الحسين (عليه السلام) وفي سبيل المعصومين راجح لانه احترام لهم وانقياد للشريعة ولله سبحانه وتعالى. ايضا صحيح ولكن الوهم ان هذا هو شبه الحج او هو الحج او المجزي عن الحج بدليل على انه يلبي بحماس، واذا قالوا له لا تفعل هو يفعل. كانما هو قادم للحج في كربلاء. كلا. هذا غير ممكن، بل هذا هو الحرام بعينه، مع العلم ان التلبية هي لله سبحانه وتعالى وليست اكثر من ذلك ولكنه حبيبي .. ليست من اهلها ولا في محلها فالتربية لها محل وهو السعي الصحيح بين الصفا والمروة او بعد الاحرام او اي شيء وليس هنا حبيبي.
المهم على ان هذا التشريع محرم لماذا ؟ لانه لم يرد في الكتاب والسنة ولم يعمله المعصومون ولا العلماء ولا المتشرعة.، نعمله كشيء جديد بمعنى ان نضيفه الى الدين حرام طبعا هذا من هذه الناحية، وهو ايضا بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. احذركم ان تعملوا شيئا من هذا القبيل اطلاقا فليبلغ الحاضر منكم الغائب ان هذا امر لا يجوز.
الشيء الاخر الذي وددت الاشارة اليه ان حديث الشارع الان في المسير الى الحسين (سلام الله عليه) راجلين. طبعا هو في نفسه حسب القاعدة الاصلية في الاسلام او في الدين هو انه هذا تعب في سبيل الحسين (سلام الله عليه) واحترام للحسين (سلام الله عليه) واظهار للاخلاص في سبيل الحسين (سلام الله عليه)، وليس الحسين فقط وانما لرسول الله (صلى الله عليه واله) لنبي الحسين ولعبادة الحسين ولهدف الحسين ولرب الحسين فهذا كله صحيح.
لكن طبعا يوجد هناك منع. والشيء الذي وددت ان اشير اليه انني من هنا اطلب من المسؤولين اجازته. وانا حسب فهمي ان المطلب مربوط بالسيد الرئيس مباشرة فانا اطلب منه اجازة هذا الموسم المقدس والعمل الشريف الديني الذي لا سياسة فيه. هو يعلم وكلنا يعلم اننا بريئون من هذا المعنى السياسي وكل معنى سياسي. هذا لا ربط له بنا لا نستفيد ولا تفيدنا السياسة، نحن علينا رضاء الله سبحانه وتعالى. الاجتماع في الطريق الى الحسين (عليه السلام) كالاجتماع في زيارة المعصومين (سلام الله عليهم) كالاجتماع في صلوات الجمعات التي جربناها ولم يكن فيها اي محذور واية سياسة، انما هو عبادة مستحبة كنوافل الظهر والعصر يؤدونها اعتيادي ويرجعون الى بيوتهم. ونأمل من جميع المتدينين والمتشرعين الذين يحملون هم دينهم وشريعتهم ومذهبهم ان يكونوا هادئين اذا ذهبوا ان يكونوا هادئين كما انتم جزاكم الله خيرا الان هادئين. وعليكم طبعا كما قلتم لكم في يوم ما انه عليكم باطاعة اوامر علمائكم، لا تتحركوا ولا تقولوا اي شيء قبل ان تقول لو صح التعبير قيادتكم الدينية شيئا. لا يجوز حبيبي .. لانه اذن تجني على نفسك وعلى دينك وعلى دنياك وعلى آخرتك. فمن هذه الناحية الامل ان يجاز لكي يفرح اغلبية شعب العراق بل كل شعب العراق بل لعله كل العالم. فان هذا مما يفرح الصديق ويؤلم العدو، وما احسن ان نفرح الصديق ونؤلم العدو مع العلم انه ليس فيه مضاعفات وليست فيه اية سياسة. لكن مع ذلك اقول انه اذا حصل المنع امتنعوا، لايفعل احد شيئا منكم اي شيء في هذا الصدد. يقول في الاخبار عن الائمة (سلام الله عليهم) (التقية ديني ودين ابائي ولا دين لمن لا تقية له). فانت اذا ذهبت او عملت اي شيء او قلت اي شيء على خلاف التقية اذن لا دين لك حبيبي. يشهد المعصومون انه لا دين لك فهل هذا شيء جيد ! فمن هذه الناحية خبر آخر ايضا (التقية درع المؤمن الحصينة يدفع بها عن نفسه بلاء الدنيا). (كول لا !)! اما اذا واحد رمى الدرع سوف تقع الضربة عليه من حيث لا يفيد نفسه ولا يفيد الاخرين ولا يفيد دينه. فمن هذه الناحية ايضا اوصيكم بتقوى الله ان ذهبتم فاذهبوا بهدوء وان منعتم فامتنعوا بهدوء وجزاكم الله خير جزاء المحسنين.
الشيء الاخر الذي وددت الاشارة اليه ان هنا ايضا شكوى وان كان الكلام عنها قليل في الشارع لان الشارع يستسيغها مع شديد الاسف، لكن الله ورسوله وامير المؤمنين لا يستسيغونها وهو الاختلاط والازدحام بين الجنسين في المراقد المقدسة وفي المساجد المقدسة. حبيبي .. هذا لا يراد منكم انتم الان والحمد لله على مستوى من الوعي الديني وخوف الله سبحانه وتعالى بدرجة محمودة وهذا بفضل ربي (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق). حينئذ تكون النتيجة ماذا ؟! (ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون) اما اذا صخمنا وجوهنا فلن ندخل الجنة وانما طريقنا طريق آخر، فاذا اردنا النجاة في الدنيا والاخرة ينبغي ان نعدل من سلوكنا من جميع الجهات، كل قدم وكل التفاتة وكل كلام اي شيء من العمل والقول ومن العلاقات الخاصة والعامة الاجتماعية والاقتصادية والاسرية ما من واقعة الا ولها حكم، فاذن انت من جميع جهاتك من حين الميلاد بل من حين انعقاد النطفة الى حين تحول الجسم الى تراب كامل في حكم شرعي لا يعدوه الله بقليلة ولا بكثيرة ولا يعدوه شريعة الله بقليلة ولا بكثيرة ولا يعدوه نظر الله بقليل ولا بكثير فاذا لم تكن تراه فهو يراك.
هل يجوز ان نعمل المستحبات ونعمل المحرمات في نفس الوقت ؟! طبعا لا يجوز. هل ننال شفاعة المعصومين بالتجاوز على المعصومين وهتك حرماتهم ؟! نحن نحترمهم او نهتك حرماتهم سبحان الله. ماذا تقولون ؟ فاذا كان يوجد اختلاط وتهتك وشعر وايدي النساء وايدي الرجال وغير ذلك وربما كلمات غير طيبة تقع كما هو المنقول، هل هذه الامور جيدة ؟ انها جدا سيئة اقول انتم حاشاكم انشاء الله لا يفعل احد منكم ذلك لكن الذي يفعل ذلك فهو ملعون ولن ينال شفاعة المعصومين (سلام الله عليهم) . اليس انه يروح للضريح حتى يتبرك بالضريح، فيلعنه الامام الذي ذهب اليه، يلعنها الامام الذي ذهبت اليه. فيخرج بلعنة الامام لا يخرج بشفاعة الامام. هذا جيد! سبحان الله. ضلة في عقله وخلة في تفكيره وضحالة في تفقهه بل اصلا تفقه لا يوجد لانه خوف الله ليس عنده والا لما حدث هذا.
حبيبي كلمة بسيطة جدا ليست بيد سيد محمد الصدر ولا الحوزة وهي ان كل واحد عنده ام، اخت، بنت، اخو، جيران، صديق فلينصح بعضكم بعضا بالارتداع عن ذلك وعن غير ذلك مما يغضب الله سبحانه وتعالى. قل له لخاطر الله لا تفعل ذلك لخاطر الله لا تفعل. لان هذه الفعلة غير جيدة، لدينك غير جيدة ولمذهبك غير جيدة ولامامك غير جيدة فلا تفعلها حبيبي خير لك ان تترك. اترك الزيارة خير لك من ان تذهب بهذه الزيارة الخاطئة الخائبة وكفى.
فعندئذ ماذا يحدث ؟ معناه يصلح المجتمع. اذا صلح الناس فردا فردا صلح المجتمع. امثل لكم بمثال ويوجد بها رواية : انه اثر الصلاة طبعا المقبولة المبرورة ان يغفر ما بين الفريضتين من الذنوب. يمثل "الظاهر على ما ببالي مروية عن الرسول (صلى الله عليه واله)" : كيف اذا كان احدكم على باب داره نهر فيغتسل به في اليوم خمسة مرات هل يبقى على جسده وسخ. وكذلك في المثل الاخر انه اذا كنس كل واحد امام باب داره نظفت المدينة. فانتم اكنسوا المحارم اي المحرمات من ساحتكم ساحة المجتمع اكنسوها كنسا حقيقيا يرضي الله سبحانه وتعالى. ولماذا لا ! نحن جئنا الى هنا اليس لاننا نخاف الله لا لكي نتفرج على السيد محمد الصدر ولا لكي نتسلى! وانما نخاف الله ونتحمل الشمس في سبيل خوف الله سبحانه وتعالى وفي سبيل ثواب الله سبحانه وتعالى وفي سبيل اداء مسؤولية هذا الواجب المقدس اللطيف. امنعوا جيرانكم واسرتكم عن من مثل هذا التهتك وهذا الاحتقار للدين وللمعصومين (سلام الله عليهم).
الشيء الاخر الذي وددت ان اشير اليه. ربما ان جملة منكم. بعض الناس على كل حال سمعت منهم ان سيد محمد الصدر لم يحضر خطبته جيدا ان سيد محمد الصدر غير عميق في خطبته كانهم يتوقعون ان اقول هنا درسا حوزويا كاملا في الفقه او في الاصول او في التفسير او في اي شيء. انا لست مغفلا الى هذه الدرجة لكل مقام مقال وكما ايضا في المثل الاخر ان البلاغة تطبيق المقال على مقتضى الحال. كذلك كلموا الناس على قدر عقولهم وكذلك اذا كان الكذب حراما فالصدق غير واجب لان الشق الاخر هو السكوت. فاذا انا اتكلم معكم بلغة الكبرى والصغرى والاستصحاب واصالة البراءة ماذا سوف تفهمون مني. عيب هذا الكلام. انا اقول بقدار ما اجد فيه المصلحة وامري وامركم الى الله فمن هذه الناحية انا ادرك بوضوح ان هذه الخطابة يسمعها كل سامع وليس الحوزة فقط طبعا نحن نربي الحوزة لكي نربوا المجتمع، لماذا ؟ لانه هكذا الاعتقاد التقليدي او الكلاسيكي انه الطلبة الشباب ينفعون المجتمع اكثر من المرجع المرجع لغته معقدة ومتزمتة وخاصة فلا يفهمها المجتمع. لا الحمد لله ربما رزقتم واحد من هذا القبيل الذي تفهموه. محل الشاهد فحينئذ هذغ ايضا يكون ضروريا : لا تتوقعوا مني ان اقول شيئا اكثر مما فيه المصلحة.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *