إن القرآن الكريم يقول: { أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }..
فالإنسان المؤمن يحتاج إلى ثلاث محطات على الأقل، على مبنى الجمع بين الفريضتين تسهيلا على الأمة، كما تذكر الآية.. وخمس محطات إذا قلنا بالتفريق، وهو المستحب.. فمعنى ذلك أن الإنسان المؤمن يحتاج إلى محطات تزود ثلاث : صباحاً، وظهراً، ومساءً.
إن الذين يفوّتون صلاة الفجر سيكون نموهم بعد فترة نمواً ناقصاً شاءوا ذلك أم أبوا.. فمثلاً : الطفل الرضيع ! يحتاج إلى ثلاث وجبات غذائية من اللبن، والأم الكسولة التي تنام عند الفجر ولا ترضع ولدها، فإنه من الطبيعي أن هذا الرضيع سيبتلى بنقص في التغذية.. وكذلك الروح الإنسانية، فالإنسان الذي يفوّت صلاة الفجر وبشكل رتيب، وعندما يرجع إلى نفسه لا يعاتبها، ويتمسك بالحديث القائل : بأن الإنسان النائم لا تكليف عليه حتى يستيقظ، يأنس مع هذه الحالة بعد فترة، ويراها حالة عادية.
إن هناك بعض الواجبات والمستحبات على الإنسان القيام بها عندما يستيقظ بعد طلوع الشمس :
أما الواجب : أن يقضي الصلاة، ولا تجب المبادرة، ولكن عليه القضاء.. وكم من المناسب أن يستيقظ الإنسان بعد طلوع الشمس بلحظات، وبدلا من أن يفرح أنه قد رفع عنه التكليف، يستيقظ من فراشه وعلى الأقل يتشبه بالمصلين بين الطلوعين فيقضي الصلاة!..
الثاني : عليه الندم، والذي لا يعيش هذه الندامة معناه أنه في مقام العمل مستهتر بعطاء المولى.. فمثلاً : إنسان يعطى له خبر: أن البارحة كل من دخل المسجد أعطي كذا ألف من الدراهم، ثم تراه لا يذهب إلى المسجد مفوتاً على نفسه هذه الجائزة العظيمة وكأنه لم يفقد شيئاً، ألا يحكم على هذا الإنسان بأنه إنسان مستهتر لا يهمه الاكتساب !.. فالذي يستيقظ صباحاً وقد فاتته نافلة الليل أو فريضة الفجر، لا بد وأن يعيش شيئاً من الاكتئاب والحزن لأنه فقد شيئاً.. ويقال بأنه يستحب صيام ذلك اليوم، لمن لم يستيقظ فجراً.
· ما هي الخطوات العملية لعدم تضييع صلاة الفجر؟..
أولاً : على الإنسان أن يجعل صلاة الفجر محطة مهمة في الحياة، مثل الدوام اليومي والمدرسة، وكالعسكري الذي لا يتجرأ أن يغيب عن معسكره دقائق.. فهذا يحتاج إلى نوم مبكر.. وتخفيف من طعام العشاء.. واستعمال منبه.. إن البعض لا يكلف نفسه شراء منبه بدريهمات، والحال بأنه يشتري ساعة ذهبية ثمينة بأضعاف قيمة المنبه..
ما قيمة هذا الجهاز الصغير الذي يوقظ الإنسان لصلاة الفجر؟!..
إن بعض العلماء يجعل المنبه زاده في السفر مع التربة والقرآن ومفاتيح الجنان ، لأنه يخاف في تعب السفر والظروف الفجائية، أن تفوته فريضة من الفرائض.
ثانياً : الأدعية الواردة قبل النوم : مثل آخر سورة الكهف : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }
، فلقاء ربه لعلها إشارة إلى صلاة الفجر كمصداق من مصاديق العمل الصالح..
وكذلك تسبيحات فاطمة الزهراء عليها السلام قبل النوم، فمن الموارد المأثورة لتسبيحات الزهراء بعد الصلوات وقبل النوم أيضاً.
فالذي يلتزم بهذا المجموع من الآداب والسنن، والحسرة، والصيام مع الفوات، وما شابه ذلك.. نعم، إذا فاتته الفريضة لعله ينطبق عليه هذا القول ( لا عار في القعود عن الفريضة ).